ص. ب. ٢٩٠٨ دمشق – سورية (+) 963 11 33 44 391/2 info@icc-syria.com

العنوان

ص. ب. ٢٩٠٨ دمشق – سورية

الهاتف

(+) 963 11 33 44 391/2

البريد الإلكتروني

info@icc-syria.com

كلمة الأستاذ المحامي حسين خضور  -  شركة خضور للمحاماة  - خازن غرفة التجارة الدولية سورية

كلمة الأستاذ المحامي حسين خضور - شركة خضور للمحاماة - خازن غرفة التجارة الدولية سورية

الذكاء الاصطناعي والتحكيم الدولي

ان مفهوم الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن تصميم وبناء أنظمة مبرمجة، يمكن أن تحل محل عمليات التفكير البشري، والذي أصبح جزءا متزايدا في جميع مجالات الحياة بما في ذلك المهنة القانونية وعلى وجه الخصوص في مجال تسوية المنازعات.

وغالبا ما تستلزم ممارسة التحكيم الدولي معرفة القوانين الدولية والعديد من الانظمة القانونية المحلية في ذات الوقت. واضافة الى ذلك، فان الاطراف تقدم إلى المحاكم اعداداً كبيرة من النسخ والوثائق الإلكترونية. فضلاً عن أن التشريعات الناظمة للتحكيم الدولي متعددة وواسعة، الامر الذي يتطلب من المحامين والمحكمين قضاء ساعات لا تحصى لخوض الابحاث ومراجعة الوثائق، الامر الذي يستدعى البحث عن طرق اخرى لتحقيق السرعة و الكفاءة المطلوبتين في التحكيم، الأمر الذي يحقق غاية التحكيم الدولي.

هل يمكن أن يحلَّ الذكاء الاصطناعي محل المحكّمين في المنازعات المدنية والتجارية، ليصدر الحكم التحكيمي عن "هيئة التحكيم الذكية "أو "المحكّم الذكي"؟ وهل تطور الآلات والبرامج في عالم تقنيات القانون، من شأنه تمهيد السبل للوصول إلى تحكيم من دون محكِّم؟

هناك فريق يرى أن المستقبل للذكاء الاصطناعي لما يتميّز به من سرعة وشفافية وحَيادة وكلفة منخفضة، وإتاحة الوصول لبيانات ضخمة بشكل آمن من خلاله في ثوانٍ معدودات، مما يضمن موضوعية الحكم التحكيمي النهائي، نظراً لانعدام التحيّز لطرف دون الآخر، وحمايته من أي قصور أو أخطاء بشرية، وتلك أهم توقعات وطموحات أطراف الخصومة التحكيمية "حكم بات قابل للتنفيذ، وبمنأى عن البطلان".

وثَمّة فريق آخر يرى أن الإنسان هو محور عملية الفصل في المنازعات، لما يمتلكه من جدارات ومهارات تفتقر إليها "الآلة"، كالقدرة على "التكييف القانوني للدعوى"، و"تقدير وزن وأهمية القرائن والأدلة"، كما أن قابلية التحليل واستخلاص النتائج تحتاج لمهارات أبعد من تلك التي يمتلكها "المحكّم الذكي"، مثل الذكاء الاجتماعي، ناهيك عن الخبرات التراكمية التي تبحث عنها أطراف الخصومة لضمان حسن سير العدالة، ومساءلة الشهود، والمقارنة والمقاربة وصولاً للتوازن المطلوب من هيئة التحكيم قبل الفصل في النزاع.

والارجح انه لا يمكن أن تكون "الآلة الذكية" بديلاً للإنسان بشكلٍ كامل، إنما ستشكّل عاملاً مسانداً في بعض مراحل نظر الدعوى مثل تحليل البيانات، وتوفير المعلومات والإحصاءات، والمقاربات التي تخدم موضوع الدعوى، ويبقى الإنسان أهم لبنة في بنيان العدالة القضائية والتحكيمية.

ولابد من الاشارة الى أن القانون بشكل عام يعاني من تأخر في مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، وبالتالي يمكن أن يكون تطبيق القوانين الحالية على الذكاء الاصطناعي أمرًا صعبًا. لذلك يجب إجراء تحديثات قانونية لتعزيز التناسب والتطبيق مع هذه التكنولوجيا الجديدة. بحيث يضمن العدالة والمساواة في استخدام الذكاء الاصطناعي.

وكذلك هناك مدرسة فكرية تقلل من احتمالية ثقة الناس في قرار اتخذه الكمبيوتر (حتى لو كان مبنيًا على منطق واضح) وقد يشعر الناس أنه من الأسهل الشكوى من أن الكمبيوتر قد تعرض لخطأ ما ,أكثر من الفرد. ويمكننا أن نقول أن جهاز الكمبيوتر لا بد وأنه معطل ,لأننا جميعا قد تعرضنا لمشاكل تقنية وبرمجية في اجهزتنا الشخصية.

ومع ذلك ، فإن الحجة المقابلة هي أنه مع تزايد الذكاء الاصطناعي يصبح جزءًا من حياتنا اليومية  "لدرجة أننا نسمح له بتوجيهنا وعائلاتنا في السيارات ذاتية القيادة " سيأتي وقت نكون فيه متقبلين تمامًا فيه للخوارزمية بالفصل في قضيتنا نيابةً عنا.

فالمجتمع التحكيمي الدولي يقوم بتحسين خدماته من خلال تنفيذ تكنولوجيا المعلومات الجديدة ( مؤتمرات الفيديو، والإفصاح الإلكتروني، واستخدام المنصات عبر الإنترنت والتكنولوجيات القائمة على السحابة.... ) ومع كل هذا، فإن هذه الخطوات وغيرها من الخطوات المشابهة هي تحسينات تدريجية، فهي معروفة جيداً، وتم استخدامها بنجاح من قبل العديد من ممارسي التحكيم ومؤسسات التحكيم.

لانعرف كيف ستتطور الامور ولكن ما نعلمه هو أنه في فترة قريبة سيسأل الاطراف حتما فيما اذا كانوا يرغبون بالحصول على حكم تحكيمي ( بشري ) خلال عدة اشهر أو من خلال (الذكاء الاصطناعي) خلال أيام.